کد مطلب:280444 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:157

اجتهادات الصحابة فی روایة الحدیث و تدوینه
إجتهد أبو بكر رضی الله عنه فی روایة الحدیث وتدوینه، روی الحافظ عماد الدین بن كثیر عن أم المؤمنین عائشة أنها قالت: جمع أبی الحدیث عن رسول الله (ص)، فكانت خمسمائة حدیث، فبات لیلة یتقلب كثیرا، فغمتنی، فقلت: تتقلب بشكوی أو بشئ بلغك؟ فلما أصبح قال: أی بنیة هلمی الأحادیث التی عندك، فجئت لها، فدعا بنار فأحرقها، وقال: خشیت أن أموت وهی عندك. فیكون فیها أحادیث عن رجل إئتمنه ووثقت به ولم یكن كما حدثنی، فأكون قد تقلدت ذلك، [1] وذكر الذهبی فی تذكرته. عن أبی بكر أنه قال إنكم تحدثون عن رسول الله (ص) أحادیث تختلفون فیها، والناس بعدكم أشد اختلافا، فلا تحدثوا عن رسول الله شیئا، فمن سألكم فقولوا، بیننا وبینكم كتاب الله، فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه. [2] .



[ صفحه 311]



وروی أن عمر بن الخطاب فی خلافته قال: إنی كنت أرید أن أكتب السنن، وإنی ذكرت قوما كانوا قبلكم، كتبوا كتبا فأكبوا علیها وتركوا كتاب الله، وإنی والله لا أشوب كتاب الله بشئ أبدا [3] وروی عن مالك أن عمر قال لا كتاب مع كتاب الله، [4] وعن یحمی بن جعدة قال: أراد عمر أن یكتب السنة ثم بدا له أن لا یكتبها، ثم كتب فی الأمصار: من كان عنده شئ من ذلك فلیمحه، [5] وعن القاسم بن محمد أن عمر قال: لا یبقی أحد عنده كتاب إلا آتانی به فأری فیه رأیی، فظن الناس أنه یرید أن ینظر فیها ویقومها علی أمر لا یكون فیه اختلاف، فأتوه بكتبهم، فأحرقها بالنار. [6] .

وعن سعد بن إبراهیم عن أبیه. أن عمر بن الخطاب قال لابن مسعود ولأبی ذر ولأبی الدرداء، ما هذا الحدیث عن رسول الله (ص)، وأحسبه حبسهم بالمدینة حتی أصیب، [7] وعن السائب بن یزید قال:

سمعت عمر بن الخطاب یقول لأبی هریرة: لتتركن الحدیث عن رسول الله (ص). أو لألحقنك بأرض دوس، [8] وعن الزهری عن أبی سلمة قال:

سمعت أبو هریرة یقول: ما كنا نستطیع أن نقول. قال رسول الله (ص).

حتی قبض عمر بن الخطاب. [9] .



[ صفحه 312]



وبعد عمر بن الخطاب بدأ بعض الصحابة یروون بعض ما عندهم، فأخذ عثمان بن عفان بسنة عمر فی عدم الروایة، فعن محمود بن لبیب قال: سمعت عثمان بن عفان یقول، لا یحل لأحد یروی حدیثا لم یسمع فی عهد أبی بكر ولا عهد عمر، [10] ثم أخذ معاویة بن أبی سفیان بهذه السنة، فقال أیها الناس، أقلوا الروایة عن رسول الله (ص)، وإن كنتم تتحدثون فتحدثوا بما كان یتحدث به فی عهد عمر. [11] .

وعندما جاء عهد الإمام علی بن أبی طالب، لم یكن السواد الأعظم من الأمة یعرفون عنه إلا القلیل، وذلك لأن عهده جاء بعد وفاة النبی فی بربع قرن تقریبا، عتم فیها عدم الروایة علی منزلته ومناقبه، وفی عهد علی بن أبی طالب بدأ الصحابة یروون الأحادیث عن رسول الله (ص)، وكان علی یقول خرج علینا رسول الله (ص) فقال: اللهم إرحم خلفائی، اللهم إرحم خلفائی، اللهم إرحم خلفائی، قالوا: یا رسول الله ومن خلفائك؟ قال: الذین یأتون من بعدی ویروون أحادیثی ویعلمونها للناس، [12] وعن الحسن بن علی قال قال رسول الله (ص)، رحمة الله علی خلفائی، قالوا: ومن خلفاؤك یا رسول الله یا رسول الله؟ قال:

الذین یحیون سنتی ویعلمونها للناس، [13] وعن سعید بن المسیب قال ما كان أحد من الناس یقول سلونی، غیر علی بن أبی طالب، وكان علی یحض الناس علی السؤال ویقول ألا رجل یسأل فینتفع. وینتفع



[ صفحه 313]



جلساءه، [14] وكان یقول تزاوروا وتدارسوا الحدیث، ولا تتركوه یدرس (أی تعهدوه لئلا تنسوه) [15] وقال تعلموا العلم. فإذا علمتموه فاكظموا علیه ولا تخالطوه بضحك وباطل فتمحه القلوب. [16] .

وبالجملة: بینت الدعوة الإلهیة الخاتمة، أن الحدیث عن النبی الخاتم (ص)، لا غنی للمسیرة عنه، لأنه مكمل للتشریع ومبین لمجملات القرآن، ومخصص لعموماته ومطلقاته، كما أن الحدیث تكفل بكثیر من النواحی الأخلاقیة والاجتماعیة والتربویة، وأخبر فیه النبی (ص) بالغیب عن ربه جل وعلا، فبین للناس ما یستقبلهم من أحداث لیأخذوا بأسباب النجاة من مضلات الفتن، وبعد رحیل النبی الخاتم (ص) أجتهد بعض الصحابة فی أمر الروایة والتدوین، ولقد تواترت الأخبار فی منع عمر بن الخطاب الصحابة وهم الثقات العدول، وردعهم عن روایة العلم وتدوینه، وفی هذا یقول ابن كثیر: هذا معروف عن عمر، [17] ثم سار علی سنة عمر خلفاء وملوك بنی أمیة، ولم ترو الأحادیث الجامعة للعلم والمبینة للناس ما یستقبلهم من أحداث، إلا فی عهد الإمام علی بن أبی طالب. [18] .


[1] رواه ابن كثير (كنز العمال 285، 286 / 10).

[2] تذكرة الحفاظ 2، 3 / 1.

[3] رواه ابن عبد البر (كنز 292 / 10) وابن سعد (كنز 293 / 10) والخطيب (تقييد العلم ص 49).

[4] رواه ابن عبد البر (كنز 292 / 10).

[5] رواه خيثمة وابن عبد البر (كنز 292 / 10) والخطيب (تقييد العلم 53).

[6] رواه الخطيب (تقييد العلم 52).

[7] رواه ابن عبد البر (كنز العمال 292 / 10) وابن سعد (كنز 293 / 0 1) والخطيب (العلم 49).

[8] رواه ابن عساكر (291 / 10).

[9] رواه ابن كثير (البداية والنهاية 107 / 8).

[10] رواه ابن سعد (الطبقات 336 / 2) وابن عساكر (كنز 295 / 10).

[11] رواه ابن عساكر (كنز 291 / 10).

[12] رواه الطبراني والرامهرمزي والخطيب والديلمي وابن النجار والدينوري والقشيري ونصر (كنز العمال 294 / 10).

[13] رواه ابن عساكر وأبو نصر السجزي (كنز 229 / 10).

[14] المصدر السابق 137 / 1.

[15] رواه الخطيب (كنز العمال 304 / 10).

[16] رواه عبد الله بن أحمد والخطيب (كنز 304 / 10).

[17] البداية والنهاية 107 / 8.

[18] أنظر / معالم الفتن / سعيد أيوب ط دار الكرام بيروت.